بين السماء والأرض.. تحديات هندسية تعرقل إنشاء أول مصعد إلى الفضاء

كتبت: أميرة إبراهيم

تعد المصاعد الفضائية مفهومًا هندسيًا مثيرًا يهدف إلى تحقيق وسيلة فعالة واقتصادية للانتقال بين الأرض والفضاء. يعتمد هذا المفهوم على استخدام كابل ضخم يربط الأرض بالفضاء، ويُعَد البحث والتطوير في هذا المجال محوريًا لتحقيق رحلات فضائية مستدامة واقتصادية في المستقبل.

يتألف هيكل المصعد الفضائي من كابل متين وخفيف الوزن يمتد من الأرض حتى نقطة في الفضاء الخارجي. يُثَبَّت طرف الكابل على سطح الأرض، في حين يُربَط الطرف الآخر بمنصة في الفضاء، مثل القمر أو الأقمار الصناعية.

يتم تحريك المصعد باستخدام القوى الكهربائية، مثل الأسلاك “السوبرموصلة”، التي تنقل الطاقة بكفاءة عالية. يتمكن المصعد الفضائي من نقل المركبات والركاب بين الأرض والفضاء بسرعة وكفاءة.

تنطوي تقنية المصاعد الفضائية على تحديات هندسية كبيرة، بما في ذلك تصميم كابلات قوية وخفيفة الوزن قادرة على تحمل الشد العالي في الفضاء، وضمان استقرار المصعد أثناء التشغيل وتوجيهه بدقة نحو الهدف المطلوب.

لكنه ضروري لتقليل تكلفة الوصول إلى الفضاء، مما يسهم في تعزيز الأنشطة الفضائية التجارية وتحقيق رحلات فضائية مستدامة ودائمة و توفير وسيلة فعالة لنقل المواد والمعدات بين الأرض والفضاء

تعتبر المصاعد الفضائية تقنية واعدة تستحق البحث والتطوير المستمر، حيث يمكن أن تلعب دورًا هامًا في توسيع نطاق الاستكشاف الفضائي وتعزيز التطور التكنولوجي في هذا المجال

كما استخدم الباحثون خلال الآونة الأخيرة موادا جديدة للكابلات الفضائية، مثل النانوتكنولوجيا والمواد الخفيفة الوزن والقوية مثل الكربون النانوي، أيضا تكنولوجيا الأسلاك “السوبرموصلة” هي تقنية تسمح بنقل الكهرباء بكفاءة عالية دون فقدان كبير للطاقة، وهذا يمكن أن يسهل تشغيل المصاعد الفضائية بشكل أكثر كفاءة واستدامة.

وتستثمر الشركات الكبرى في الأبحاث المتعلقة بالمصاعد الفضائية، وتقوم بتنفيذ التجارب والدراسات اللازمة لاختبار فعالية وجدوى هذه التقنية، كما يتم استخدام النماذج الهندسية والمحاكاة الحاسوبية لاختبار تصاميم المصاعد الفضائية وتحليل أدائها تحت ظروف مختلفة في الفضاء.

وقد نشأت فكرة المصعد الفضائي لأول مرة من قبل العالم الروسي كونستانتين تسيولكوفسكي في عام 1895، والذي، بعد زيارته لبرج إيفل الذي يبلغ ارتفاعه 1000 قدم، نشر ورقة بحثية حول بناء هيكل يبلغ ارتفاعه 22000 ميل، وهذا من شأنه أن يوفر الوصول إلى المدار الثابت بالنسبة للأرض، وهو الارتفاع الذي تبدو فيه الأجسام ثابتة فوق سطح الأرض، لكن تسيولكوفسكي أقر بأنه لا توجد مادة يمكنها تحمل وزن مثل هذا البرج، ويمكن للمصعد الفضائي أن يخفض تكلفة إرسال حمولة إلى أي مدار حول الأرض إلى 100 دولار للرطل الواحد.

وفي عام 1959، بعد وقت قصير من سبوتنيك، اقترح المهندس الروسي يوري ن. أرتسوتانوف طريقة للتغلب على هذه المشكلة: بدلاً من بناء مصعد فضائي من الألف إلى الياء، ابدأ من الأعلى، وبشكل أكثر تحديدًا، اقترح وضع قمر صناعي في مدار ثابت بالنسبة للأرض وإسقاط حبل منه إلى خط استواء الأرض. ومع نزول الحبل، سيصعد القمر الصناعي. وبمجرد ربطه بسطح الأرض، سيظل الحبل مشدودًا، وذلك بفضل مزيج من قوى الجاذبية والطرد المركزي، ويمكننا بعد ذلك إرسال مركبات “متسلقة” تعمل بالطاقة الكهربائية لأعلى ولأسفل الحبل لتوصيل الحمولات إلى أي مدار حول الأرض.

وفقًا للفيزيائي برادلي إدواردز، الذي بحث في هذا المفهوم لصالح وكالة ناسا منذ حوالي 20 عامًا، سيكلف بناء مصعد فضائي 10 مليارات دولار ويستغرق 15 عامًا، ووفقا لوكالة ناسا فإن المصعد الفضائي هو اتصال مادي من سطح الأرض إلى مدار ثابت بالنسبة للأرض فوق الأرض على ارتفاع حوالي 35,786 كم. يقع مركز كتلته عند النقطة الثابتة بالنسبة إلى الأرض بحيث يكون مداره 24 ساعة، ويبقى فوق نفس النقطة فوق خط الاستواء أثناء دوران الأرض حول محورها. ويتم استخدام الهيكل كنظام نقل ومرافق لنقل الحمولات والطاقة والغازات بين سطح الأرض والفضاء. فهو يقوم بالاتصال المادي من الأرض إلى الفضاء بنفس الطريقة التي يربط بها الجسر مدينتين عبر مسطح مائي.

وقد يكون المصعد الفضائي مفهومًا مهمًا للتطور المستقبلي للفضاء في الجزء الأخير من القرن الحادي والعشرين. ولديه القدرة على توفير وسائل النقل الجماعي إلى الفضاء بنفس الطريقة التي توفر بها الطرق السريعة والسكك الحديدية وخطوط الكهرباء وخطوط الأنابيب وسائل النقل الجماعي عبر سطح الأرض.

Scroll to Top