التحدي العظيم..المناخ يهدد غذاء البشر والحل في الزراعة المستدامة

تحقيق: تقى حسن - بسملة أيمن

إن التحدي المتمثل في إطعام 10 مليارات شخص على نحو مستدام بحلول عام 2050 أصعب بكثير مما يتصوره الناس. حيث تتزايد التحديات التي تواجه صناعة وإنتاج الغذاء مع تزايد عدد سكان العالم وتغيرات المناخ. في هذا السياق، تُعد استدامة الغذاء واحدة من أهم الحلول التي يسعى العالم لتحقيقها، وتلعب الابتكارات التكنولوجية والممارسات الزراعية المستدامة دورًا حاسمًا في تحقيق هذا الهدف. ففي عام 2050، من المتوقع أن يكون مستقبل الغذاء المستدام يعتمد بشكل كبير على الابتكارات التكنولوجية التي تساعد في زيادة كفاءة الإنتاج وتقليل تأثيره البيئي.

وترصد تليسكوب أهم مجالات الزراعة المستدامة، وذلك كما يلي:

  • زراعة مستدامة وذكية:- ستشهد الزراعة تقدمًا هائلًا في التقنيات المستخدمة، مثل الزراعة العمودية واستخدام الطائرات بدون طيار والمستشعرات الذكية لرصد وإدارة المحاصيل بشكل فعال. وستزداد الاعتمادية على الزراعة المائية والزراعة في المدن لتلبية احتياجات الغذاء العالمية.
  • تطوير المواد الغذائية البديلة:- سيشهد العالم زيادة في تطوير المواد الغذائية البديلة مثل البروتينات النباتية، واللحوم المزروعة في المختبرات، والأطعمة المطبوعة ثلاثية الأبعاد، والتي تعتبر بدائل مستدامة للمواد الغذائية التقليدية التي تستند إلى الموارد الطبيعية.
  • تكنولوجيا الغذاء الذكية:- ستزداد استخدامات التكنولوجيا في جميع جوانب سلسلة التوريد الغذائية، بما في ذلك تتبع المنتجات، وإدارة المخزون، وتحليل البيانات لتحسين الإنتاجية والكفاءة وتقليل الفاقد.
  • التوعية والتغذية الصحية:- ستتزايد جهود التوعية بين المستهلكين حول أهمية تناول الأطعمة المتوازنة والمغذية، وستشهد زيادة في الطلب على الأطعمة العضوية والمحلية والتي تلبي معايير الاستدامة البيئية.
  • السياسات والتشريعات البيئية:- ستشهد الحكومات والهيئات الدولية مزيدًا من التدخل لتشجيع الممارسات الزراعية والغذائية المستدامة، بما في ذلك تقديم الحوافز المالية وتنظيم التشريعات للحد من الهدر الغذائي وتحسين إدارة الموارد

تقديرات

وفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” فإن إطعام 10 مليارات شخص على نحو مستدام بحلول عام 2050 يتطلب سد ثلاث فجوات:

  • فجوة غذائية تبلغ 56% بين السعرات الحرارية للمحاصيل المنتجة في عام 2010 وتلك اللازمة في عام 2050 في ظل نمو “العمل كالمعتاد”.
  • فجوة الأراضي البالغة 593 مليون هكتار (مساحة تعادل ضعف مساحة الهند تقريبًا) بين مساحة الأراضي الزراعية العالمية في عام 2010 والتوسع الزراعي المتوقع بحلول عام 2050.
  • فجوة تخفيف غازات الدفيئة تبلغ 11 جيجا طن بين الانبعاثات الزراعية المتوقعة في عام 2050 والمستوى المستهدف اللازم لإبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري أقل من درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت)، وهو المستوى الضروري لمنع أسوأ التأثيرات المناخية.

مفهوم الغذاء المستدام

في هذا الإطار يقول الدكتور إيهاب مسعود، أستاذ مساعد بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية، أن أحد الحلول التي يدرسها البشر حاليا تتعلق بالغذاء المستدام وهو نظام يوفر الأمن الغذائي والتغذية للجميع بطريقة لا تضر بالأسس الاقتصادية والاجتماعية والبيئية من أجل ضمان إتاحة الحق في الغذاء للأجيال القادمة، والحقيقة أن الطعام الذي نتناوله وكيفية إنتاجه لا يؤثر على صحتنا فحسب بل على البيئة أيضًا،

حيث يمر الغذاء بعدة خطوات من نمو ومعالجة ونقل وتوزيع وتحضير واستهلاك والتخلص منه في بعض الأحيان. وكل خطوة من هذه الخطوات تولد غازات دفيئة تحبس حرارة الشمس وتساهم في تغير المناخ، ويأتي الجزء الأكبر من غازات الدفيئة المرتبطة بالغذاء من الزراعة واستخدام الأراضي، مثل الميثان الناتج عن عملية الهضم لدى الماشية، وأكسيد النيتروز من الأسمدة المستخدمة في إنتاج المحاصيل، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان بسبب قطع الغابات لتوسيع الأراضي الزراعية، والانبعاثات الزراعية الأخرى الناتجة عن إدارة السماد الطبيعي وزراعة الأرز وحرق مخلفات المحاصيل واستخدام الوقود في المزارع.

 

موارد متجددة

وأضاف مسعود أن الغذاء المستدام أو المنتج المستدام مصنوع من مواد متجددة، ويستخدم كمية صغيرة من الطاقة لإنتاج منتجات لا تضر بالبيئة بشكل مباشر، وتواجه الزراعة تحديًا غير مسبوق على مستوى العالم لتوفير ما يكفي من غذاء يتناسب مع الزيادة السكانية الهائلة في المستقبل، الأمر الذي دفع إلى ضرورة طرح بدائل جديدة تهدف إلى التصدي للمشكلة. وسيكون من الضروري، مع استمرار الزيادة السكانية على مستوى العالم، والتي وقد تصل بحسب تقديرات إلى نحو 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050، إنتاج كميات هائلة من الغذاء لتوفير الطعام لهذا العدد الكبير من البشر.

وتابع مسعود: يتضح قدر هذا التحدي إذا أدركنا أنه لم يبق أمامنا سوى 30 موسما للزراعة والحصاد قبل أن يصل تعداد سكان العالم إلى هذا العدد، وبناء عليه لابد من تغيير نمط الزراعة التقليدية بشكلها الحالي والعمل على إنتاج المحاصيل الاستراتيجية الأساسية أولا وبصفة رئيسية, والعمل على التكثيف للمحاصيل الزراعية إن أردنا توفير الطعام على الكوكب

وأهم انواعه: الحبوب – الخضار- الفواكه – مشتقات الحليب – البروتينات – الزيوت الصحية – الأعلاف.

صعوبات وتحديات

وحول صعوبات التوسع في الاعتماد على الغذاء المستدام في العالم، أجاب مسعود: تعد أزمة المناخ إحدى الأسباب الرئيسية للارتفاع الحاد في معدلات الجوع في العالم. وتدمر الصدمات والتغيرات المناخية الحادة والمفاجئة الأرواح والمحاصيل وسبل العيش للإنسان والحيوان، وتقوض قدرة الناس على إطعام أنفسهم وتخزين طعامهم، فضلا عن الجفاف الذي يعد السبب الأكثر شيوعًا لعدم الاعتماد على الغذاء المستدام، بالإضافة لأسباب أخرى تؤثر على إنتاج الغذاء مثل: النزاعات والحروب – الفقر –  الفيضانات – نقص البنية التحتية الزراعية –

عدم التسميد للتربة والمحاصيل الزراعية بالطرق العلمية الموصي بها.  

 

وأضاف مسعود أن مصر تواجه تحديات في التوسع في الاعتماد على الغذاء المستدام، حيث تمثل في:

1- الزيادة السكانية الكبيرة التي تؤدى إلى تزايد الطلب على السلع الغذائية بمعدلات تفوق معدلات نمو الإنتاج.

2- محدودية الموارد المائية التي تحول دون التوسع الكبير والسريع في مشاريع الامتداد الأفقي.

تنمية مستدامة

أما الدكتور شاكر أبو المعاطي، رئيس قسم الأرصاد الجوية الزراعية بالمعمل المركزي المناخ الزراعى بمركز البحوث الزراعية، فيقول في تصريحاته لمجلة تليسكوب، إن التنمية المستدامة أو الزراعة  المستدامة أو غيرها  معناها  أن الإنسان يستخدم  كل موارد الطبيعية المتاحة لتوفير الغذاء، فيستخدم الأرض والماء بشكل  جيد بأفضل الطرق حتى تكون مستدامة  مع الإنسان لأفضل  وقت  أو لوقت  أطول، فالغذاء  المستدام هو أن  ينتج غذاء  بصفة  مستمرة وبصورة آمنة حتى  يكون  صحيا، ويكون أيضا بتكلفة بسيطة  حتى يستطيع الإنسان  شراءه  فالغذاء المستدام يقوم على استخدام  كل موارد الطبيعة وبصورة اقتصادية، والغذاء المستدام هو إنتاج  كافة أنواع الغذاء  بصورة مستدامة يستفيد  منها الإنسان.

وأضاف أبو المعاطي، أن مشكلة نقص الغذاء ترجع في الأساس لسببين:

أولا- مدى توافر الماء

ثانيا-  الأرض الصالحة للزراعة

ثم يأتي تغير المناخ والذي يؤثر جدا على إنتاج المحاصيل والغذاء بصفة مستدامة، لذلك، فإن من بين أهداف التنمية المستدامة استخدام الموارد الطبيعية والتكيف مع ظروف تغير المناخ والحصول على أنواع نباتية تتحمل تغير المناخ.

وذكر أبو المعاطي، أنه من الضروري اللجوء إلى طرق غير تقليدية وهي إنتاج نباتات في غير مواعيدها واستخدام موارد طبيعية وتدوير مخلفات النباتات، وعمل زراعة أسطح بطريقة مثالية أو زراعة نباتات بطريقة معينة في غير موعدها، لكن كيف  نصنع  تكاملا  بين أنواع  الزراعة  المختلفة  هذا  هو السؤال؟ أو بمعنى آخر كيف نحقق التوازن بين أنواع  الزراعة المستدامة وأنواع الزراعة التقليدية.

Scroll to Top