في عالم مليء بالتحديات والمخاوف، يواجه الكثيرون تحديات نفسية تتعلق بالقلق والاكتئاب، وخاصة عند التفكير في المستقبل المجهول. ويتأثر الكثيرون بأسئلة مثل: كيف سيكون الغد؟ ماذا سيحدث في الأشهر القادمة؟ كيف ستتغير حياتهم وحياة أطفالهم؟ وما مصير بلدهم في وجه الحروب والصراعات؟.. لهذا ستصبح أمراض القلق والاكتئاب أكثر شيوعا في المستقبل، وهو ما نكشف عنه في السطور القادمة.
قال الدكتور علي شوشان، استشاري الطب النفسي، يتزايد القلق والاكتئاب بشكل ملحوظ، عندما يتنبأ الأفراد بالمستقبل بشكل سلبي، حيث يخشون فقدان المال، أو تدهور الظروف المعيشية، أو حتى نشوب الحروب وتفاقم الأزمات الإنسانية. وهذا يزيد من الحاجة إلى العلاج النفسي والدعم الاجتماعي للمساعدة في التعامل مع هذه الضغوطات.
وأضاف شوشان أنه في ظل هذه الظروف، يلجأ الكثيرون إلى العلاج النفسي، سواء كانت جلسات فردية أو زوجية، أو ضمن مجموعات متنوعة. ويجتمع الأفراد المختلفون معًا لمشاركة تجاربهم وحل المشاكل المشتركة، وهذا يمثل بديلاً صحيًا للأسرة في بعض الأحيان.
وأكد شوشان أنه من المهم أن يكون هناك اهتمام بالصحة النفسية والاجتماعية، حيث يمكن أن يسهم التوعية والتثقيف في تقليل مستويات القلق والاكتئاب. ويجب تشجيع الأفراد على العناية بأنفسهم وببعضهم البعض، وتطوير مهارات التعامل مع الضغوطات وحل المشاكل بطرق بنّاءة.
وأشار إلى أنه في مجتمعاتنا، يجب أن نسعى لتحقيق السلام والاستقرار في البيوت والأسر، حيث يمكن للعنف والصراعات الأسرية أن تؤثر سلبًا على الصحة النفسية لأفرادها. يجب التركيز على تعزيز العلاقات الإيجابية وتعزيز السلام والتسامح داخل المجتمع. ومن جانب آخر، يمكن أن تؤثر الظروف البيئية على الصحة النفسية، ولذلك يجب أن نعمل على حماية البيئة وتقليل الانبعاثات والتلوث، وهذا يتطلب التعاون والجهود المشتركة من الجميع. وإذا ما تمكنا من التركيز على العلاج النفسي، وتعزيز العلاقات الاجتماعية الصحية، والعناية بالصحة البيئية، فإننا سنسهم في بناء مجتمعات أكثر استقرارًا وسلامًا، حيث يمكن للجميع أن يعيشوا بسلام وسعادة.
وأضاف الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إلى أن الأمراض النفسية قد تشهد زيادة في انتشارها في المستقبل، نتيجة للتحديات الاقتصادية المتزايدة والتوترات العالمية. وتعزى هذه التوقعات إلى عوامل متعددة، بما في ذلك تأثيرات التطور التكنولوجي، والضغوط النفسية المتزايدة في بيئة متغيرة بسرعة. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع الدكتور فرويز أن يتم التركيز في المستقبل على تطوير طرق العلاج النفسي، بما في ذلك الاعتماد على التقنيات الحديثة مثل TMS والأدوية الابتكارية.
وعلى الرغم من التحديات المتزايدة، يجدد الدكتور فرويز التأكيد على أهمية تقديم الدعم والرعاية النفسية للأفراد المتأثرين، سواء من خلال توفير بيئات علاجية مناسبة أو تعزيز الوعي العام بأهمية الصحة النفسية. ويشدد على ضرورة التحول من نماذج العناية التقليدية إلى نهج شمولي يتضمن الوقاية والتشخيص المبكر، بغية التصدي لتحديات الصحة النفسية في المستقبل.