عصر جديد من الـ«الداونلو».. سرعة الضوء تنير مستقبل الإنترنت

تحقيق: هايدي سامي

في عالم يتغير بسرعة ويتطور بشكل مستمر، نقف اليوم على أعتاب ثورة رقمية جديدة، حيث يتشكل مستقبل الإنترنت ليكون أكثر ذكاءً وتفاعليةً وتخصُصاً ليصبح بوابة لعالم جديد يتجاوز فيه كل ما هو مألوف، ومع تطور الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي، أصبح الإنترنت أداة محورية في تشكيل مستقبلنا وبناء عالم أكثر ترابطاً وتقدماً.. ورغم التطور المذهل الذي تشهده الشبكة حاليًا إلا أن المستقبل يحمل الكثير من المفاجآت.

إن مستقبل الإنترنت ليس مجرد توقعات، بل هو رحلة مستمرة نحو ابتكارات تغير معالم حياتنا اليومية، وتعيد تشكيل مفاهيمنا عن الواقع فهذا التحقيق يقدم لكم الإجابة علي التساؤلات الآتية.

كيف سيبدو شكل الإنترنت في المستقبل؟ وهل ستكون هناك تكنولوجيات أكثر تطوراً من الفايف جي؟ وهل سيكون هناك تطور في تقنيات البلوتوث والواي فاي؟ وكم سيكون حجم الإنترنت في المستقبل؟ وما هي أهم التطورات التي سوف تحدث بعد 25 عاما في مجال الإنترنت؟ وكيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على تطور الإنترنت وتجربة المستخدمين؟ وهل سيتغير دور الإنترنت في تعزيز مجالات الحياة؟ وهل من الممكن أن يتغير إسم شبكة الإنترنت في المستقبل؟

في البداية، كشف بحث صادر عن مركز أبحاث “بيو” الأمريكي عن أوضاع الإنترنت بعد عقد من الآن، احتوى على كلمة “تهديد” أكثر من أربع مرات مقارنة بالقدر الذي وردت فيه كلمة “أمل” مما يؤكد أن المشكلات القادمة كثيرة وعديدة.

وأوضح تقرير صادر عن مركز “بيو” للأبحاث أن مستقبل الإنترنت سيكون مزيجاً من الواقعي والافتراضي مع عرض المعلومات على الهواء، كما يؤكد على فهم الآثار المترتبة على العالم الرقمي، وكيف سيشكل مستقبل الاتصال.

ومن جهة أخرى، أكد التقرير أن شبكة الإنترنت ستزيد الأغنياء ثراءً، وستصبح أداة لتهميش الفقراء أو الذين يعانون من أمراض عقلية أو إعاقات.

تطورات مذهلة

في هذا الإطار، قال الدكتور وائل بدوي، أستاذ بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة هارتفوردشاير، مستقبل الإنترنت يبدو مشرقاً ومليئًا بالإمكانيات الجديدة التي ستغير طريقة تفاعلنا مع التكنولوجيا، لكن توقع مستقبل الإنترنت يتطلب النظر في الاتجاهات التكنولوجية الحالية وتصور كيف يمكن أن تتطور هذه الاتجاهات وتؤثر على مختلف جوانب حياتنا.

وأضاف بدوي أن شكل الإنترنت قد يصبح أكثر تكاملاً مع الحياة اليومية، وذلك مع تزايد اعتمادنا على الأجهزة المتصلة وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، ومن المتوقع أن تزداد سرعات الإنترنت بشكل كبير، خاصة مع تطوير تقنيات الجيل الخامس وما بعده.

وأشار إلى أنه من المحتمل جداً تطوير تكنولوجيات اتصال أكثر تقدماً من الـ5G مثل الجيل السادس 6G الذي يتوقع أن يوفر سرعات أعلى بكثير ويدعم كثافة أكبر من الأجهزة المتصلة.

وتابع أنه من المتوقع أن يشهد البلوتوث والواي فاي تطورات تزيد من سرعة النقل، وتحسين الأمان، وتوسيع نطاق الاتصال، مما يعزز من تجربة المستخدم ويوسع الاستخدامات في مجال إنترنت الأشياء.

ولفت إلى أن حجم الإنترنت ينمو بشكل كبير، مع زيادة كمية البيانات المتاحة والمستهلكة، وقد تشمل هذه التطورات: تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، والحوسبة الكمية، وتقنيات البلوك تشين كجزء أساسي من الإنترنت.

وأوضح أن تطور الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تحسينات كبيرة في تخصيص المحتوى وتجربة المستخدمين عبر الإنترنت بطرق غير مسبوقة. كما أنه في مجال تعزيز مجالات الحياة يمكن أن يتغير دور الإنترنت ليشمل تسهيلات أكبر في الرعاية الصحية عن بعد، والتعليم الإلكتروني، والحكومة الإلكترونية، وغيرها مما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام.

تقنية لاي فاي

يقول المهندس محمود فرج، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن شكل الإنترنت في المستقبل سيختلف بشكل كبير عما هو عليه الآن كما ستتغير طريقة البحث التقليدية.

وأضاف أنه من المتوقع أن يزداد استخدام تقنية الهولوجرام بشكل كبير في الإنترنت في المستقبل، وذلك لتحسين تجارب الواقع الافتراضي عبر الإنترنت كما أنها تقنية ستمكن المستخدمين من التفاعل مع الصور المجسمة، كما لو كانت حقيقية، وهذا سيحدث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها مع البيانات والمحتوى الرقمي.

وأشار إلى أن مستقبل الإنترنت يتجه نحو استخدام الواقع الافتراضي العصبي الذي سيمكن المستخدمين من التحكم في الأشياء والتفاعل معها باستخدام أفكارهم بدلاً من أجهزة الإدخال التقليدية مثل لوحة المفاتيح أو وحده التحكم.

ولفت إلى أنه مع تطور التكنولوجيا سيزداد الاعتماد على إنترنت الأشياء والذي يشير إلى الشبكة المتزايدة من الأجهزة المادية التي تتصل بالإنترنت وتبادل البيانات مع بعضها، وهذا يشمل كل شيء من السيارات والمنازل الذكية إلى الأنظمة الصناعية المتقدمة

وتابع قائلاً “إنه ليس هناك حجم محدد لبيانات الإنترنت، ولكن ليس هناك شك في أن حجم البيانات في تزايد مستمر وتعتبر في حالة نمو دائم”.

وأوضح فرج أن مشروع “ستارلينك” التابع لشركة إيلون ماسك سيلعب دوراً مهماً في مستقبل الإنترنت خاصة في توفير الاتصال، كما أن له دورا كبيرا في توفير خدمة عالمية تستخدم الأقمار الصناعية لتوفير الاتصال بالإنترنت، ومن المتوقع أن تستمر مشاريع ستارلينك في كيفية وصول الناس إلى الإنترنت واستخدامهم له في المستقبل في كافة مناطق العالم النائية.

الغموض الرقمي

يقول المهندس محمد سراج، خبير أمن المعلومات، إن تكنولوجيا الإنترنت تتقدم بسرعة كبيرة تجعل من الصعب التنبؤ بالشكل الذي ستبدو عليه الشبكة في المستقبل، ولكن ليس هناك شك في أن الإنترنت سوف يندمج مع العوالم الافتراضية لخلق تجارب واقعية ومغامرة.

وأشار إلى أن ابتكارات التكنولوجيا الجديدة مثل الأجهزة القابلة للارتداء كالنظارات الافتراضية الذكية ستساعد في تسريع تغير شكل الإنترنت في العقود القادمة.

وأضاف أن الجيل القادم من الإنترنت يهدف إلى بناء نظام بيئي يركز على المستخدم والخصوصية، بالإضافة إلى معالجة بعض القيود والقضايا المرتبطة بإمكانيات الإنترنت الحديثة. وتوضح هذه التوقعات الإمكانات التحويلية لأجهزة الكمبيوتر المستقبلية وتشكيل جوانب مختلفة من المجتمع، من البحث العلمي إلى الحياة اليومية ومع ذلك تأتي هذه التطورات مصحوبة بتحديات تتعلق بالأخلاق والأمن والتأثير المجتمعي، والتي يجب معالجتها مع استمرار تقدم التكنولوجيا.

Scroll to Top