تلقي تغيرات المناخ العنيفة في هذه الآونة بظلالها الوخيمة على مجمل النواحي الاقتصادية العالمية، كونها من أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم ومستقبلاً، بعد أن أضحت حالات الجفاف والفيضانات والعواصف الاستوائية والحرارة الشديدة وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة الأكثر انتشارا.
تؤثر تغيرات المناخ على كل ما يتعلق بالتجارة الدولية وحركة الملاحة العالمية، حيث تلعب التجارة الدولية وهي عملية تبادل السلع والخدمات والموارد بين شتى بلدان ومناطق العالم، دورا لا غنى عنه في تعزيز النمو والتكامل الاقتصادي والتنمية، ومع ذلك، فإن التجارة الدولية تتأثر بتغير المناخ، بشكل مباشر وغير مباشر، سواء من خلال ما يشكله من تهديدات خطيرة للبنية التحتية البحرية وطرق النقل أو التأثير على الإنتاج والاستهلاك والتوزيع والجودة والأسعار وغيرها.
وينعكس تغير المناخ بشكل كبير على التجارة العالمية بمختلف الطرق، وقد يكون له تداعيات سلبية على الاقتصادات والأعمال التجارية. وهذه بعض الطرق التي يمكن لتغير المناخ أن يؤثر بها على التجارة.
يقول الدكتور أنور القاسم، المحلل والخبير الاقتصادي، إن غالبية الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي الآن، في الأساس متصلة بالبيئة. سواء بالنسبة لكارثية تغير المناخ أو زيادة الحرارة والتصحر وشح المياه واستنزاف الموارد الطبيعية أو بسبب أن هذا التغير المطرد يمكن أن يمحو ما يصل إلى 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي بحلول العام 2050.
ويضيف القاسم، أن الانبعاثات الغازية الناتجة عن النشاط البشري في المجالات المختلفة، والتي تعتمد على الطاقة أدت كذلك إلى احتباس حرارى عالمي غير مسبوق، ستكون له تداعيات سلبية على الاقتصادات العالمية بشكل كلي وفي مناحي الحياة والنشاط الاقتصادي كافة.
ويلفت القاسم النظر إلى أن تأثير التغير المناخي يواجه كل القارات، لكن الأكثر تأثرا نتيجة الجفاف والفيضانات والعواصف ستكون كل من (إثيوبيا والصين وبنغلاديش وزيمبابوي والهند ومدغشقر وكمبوديا وفيتنام وموزمبيق)، وهذه تضم غالبية سكان العالم وأكثرها عددا للسكان واستهلاكا للموارد البشرية، إضافة إلى الخشية من انتشار الأمراض.
ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى انخفاض الثروة العالمية بشكل كبير بحلول عام 2050، مع انخفاض غلات المحاصيل وانتشار الأمراض وارتفاع منسوب مياه البحار الذي يلتهم المدن الساحلية، حسبما حذرت شركة تأمين كبرى، مما يسلط الضوء على العواقب إذا فشل العالم في إبطاء استخدام الوقود الأحفوري بسرعة.
ومن المتوقع أن تؤدي آثار تغير المناخ إلى خفض الناتج الاقتصادي العالمي بنسبة 11 إلى 18 في المائة بحلول عام 2050 مقارنة بمستويات النمو دون تغير المناخ، وفقا لتقرير صادر عن شركة سويس ري، إحدى أكبر شركات التأمين في العالم لشركات التأمين الأخرى. وهذا يعادل ما يصل إلى 23 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي السنوي المنخفض في جميع أنحاء العالم نتيجة لذلك.