تصاميم مذهلة.. كيف سيكون شكل الكمبيوتر في المستقبل؟

تحقيق: هايدي سامي

تؤثر أجهزة الكمبيوتر بشكل كبير على كيفية عملنا وتواصلنا، ومع تطور التكنولوجيا شهدت أجهزة الكمبيوتر تغيرات كبيرة في القدرة والأداء والتصميم، والاستخدام الواسع للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وإنشاء معالجات أسرع وأكثر فعالية ودمج تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز في الحوسبة الشخصية كلها تنبؤات لمستقبل أجهزة الكمبيوتر. ويبدو أن أجهزة الكمبيوتر لديها مستقبل واعد ومن المتوقع أن تشهد تحولاً نتيجة للتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والحوسبة الكمومية التي ستصنع أجهزة أكثر قوة وذكاءً.. وهو ما سنتعرف عليه في السطور القادمة  

في البداية، كشفت دراسة حديثة عن المركز الدولي للأنظمة العصبية في جامعة غرب سيدني في أستراليا عن أول حاسوب عملاق في العالم قادر علي محاكاة شبكات بحجم الدماغ البشرية، وأوضح المركز أن هذا الحاسوب DeepSouth يستخدم نظاماً عصبياً فريداً يعمل مثل أدمغة البشر، كما أنه يتسم بسرعة تؤهله لتنفيذ 288 تريليون عملية في الثانية، كما أشار المركز إلى أن الطريقة الحالية لمحاكاة شبكات خلايا الدماغ على أجهزة الكمبيوتر القياسية والتي تتضمن وحدات معالجة الرسومات (GPUs) ومعالجات قوية مع وحدات معالجة مركزية متعددة النواة (CPUs) غير فعالة وتستهلك الكثير من الطاقة لكن حاسوب DeepSouth  يتغلب علي هذه القيود.

ومن جهة أخرى، أكد تقرير صادر عن جمعية IEEE CS للكمبيوتر، في كاليفورنيا أن في السنوات المقبلة سيكون هناك وعي عام واهتمام متزايد بالحوسبة في جميع قطاعات الصناعة كما سيحدث استيعاب واسع النطاق للمنصات الآلية.

كما أوضح تقرير صادر عن لجنة مراجعة الحوسبة في المملكة المتحدة أن المشهد الدولي الحالي يركز على بناء نظام حوسبة يتضمن دور التقنيات مثل: الحوسبة السحابية مع دعم التقنيات الناشئة الأخرى مثل الذكاء الاصطناعي والكم، وذلك من خلال عدة توصيات رئيسية في ثلاثة محاور متمثلة في: إطلاق العنان للإمكانات الرائدة عالمياً وعالية النمو للحوسبة، وبناء قدرات حوسبة مستدامة ذات مستوى عالمي، وتمكين مجتمع الحوسبة.

وتناول تقرير صادر عن جامعة جونز هوبكنز أن مجموعة من العلماء تآزرت في تطوير تكنولوجيا الكمبيوتر التي تعتقد أنها ستطلق حقبة جديدة في الحوسبة البيولوجية السريعة والقوية والفعالة، كما أعلنت عن عملاً جديداً سيتعمق في البحوث عن أعصاب المخ سعياً لاستخدامها في تطوير عمل أجهزة الكمبيوتر، ويأمل الباحثون حالياً في تطوير كمبيوترات مكونة من مجموعات ثلاثية الأبعاد من خلايا المخ ستتيح إحداث تطور سريع في صنع أنواع جديدة من الحواسيب.

تصاميم أكثر مرونة

قال الدكتور وائل بدوي، أستاذ بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي في جامعة هارتفوردشاير الأمريكية، إن مستقبل أجهزة الكمبيوتر قد يشمل تصاميم أكثر مرونة وتقنيات عرض مبتكرة مثل شاشات قابلة للطي أو اللف، وربما استخدام واجهات تفاعلية أكثر تقدماً مثل التحكم بالإيماءات والصوت. ومن المحتمل أن يظل الكيبورد والفأرة موجودين لكن بتصاميم أكثر تطوراً أو دمجها في تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز.

وأضاف بدوي أن الثورة القادمة في مجال برمجيات الكمبيوتر قد تشمل تطوير الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وتحسين أمان البيانات وخصوصيتها وبرامج متطورة لتحليل البيانات الضخمة والتفاعل مع البيئة الرقمية بطريقة أكثر ذكاءً وكفاءة.

وأشار إلى أن تقنية الألياف الضوئية بسرعتها العالية في نقل البيانات، تلعب دوراً مهماً في تطوير شبكات الكمبيوتر المستقبلية، وتحقق تواصلا أسرع وأكثر كفاءة بين الأجهزة. وأوضح أن استخدام الحمض النووي في الكمبيوتر يشير إلى محاولة استخدام الخصائص الجينية لتخزين ومعالجة المعلومات، ما قد يوفر طرقاً جديدة للتعامل مع البيانات الضخمة.

ولفت بدوي إلى أن هناك تعاون متزايد بين علوم الكمبيوتر والبيولوجيا وهذا يشمل البحث في مجالات مثل الأنظمة الحيوية. مؤكدًا على أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير على تطور تكنولوجيا الكمبيوتر من خلال تحسين الأداء، وتطوير وجهات مستخدم أكثر ذكاءً، وإنشاء أنظمة قادرة علي التعلم والتكيف بشكل مستقل.

وتابع بدوي أن أسعار الكمبيوتر المستقبلية ستتعمد على عوامل مثل التكنولوجيا المستخدمة، والإنتاج، وتكلفة الأبحاث والتطوير. في حين أن بعض التقنيات المتقدمة قد تكون باهظة الثمن في بداية ظهورها، ومن المتوقع أن تصبح أكثر بأسعار معقولة مع تطور الإنتاج وزيادة الطلب.

وأوضح بدوي أن الحوسبة الكمية هي مجال متطور في الحوسبة، حيث يستخدم مباديء ميكانيكا الكم لإجراء عمليات حسابية تختلف عن الحوسبة الكلاسيكية بأنها تستخدم “الكيوبتات” بدلاً من “البايتات” مما يمكنها من تمثيل ومعالجة كميات هائلة من البيانات بسرعات عالية جداً، وهذه التقنية لها القدرة على تحويل مجالات مثل التشفير، والبحث عن البيانات، وحل مشكلات معقدة.

عمليات التطوير

وقال المهندس وليد جاد، رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إنه حدثت تطورات كثيرة في المعالجات وسيستمر التطور وسنرى معالجات نانوية الحجم بسرعات تتزايد كل عام وسوف تتعدى سرعتها سرعة الضوء ووحدات تخزين نانوية الحجم، أيضاً بسعات آلاف “التيرابايت” ولكن سيظل التحدي في وحدات إدخال البيانات بصور أخرى منها الصوت أو الصورة أو حتي الاتصال المباشر بذهن الإنسان ليدخل ما يفكر فيه بدون الاتصال المباشر بالكمبيوتر، أما عرضه فله عدة اتجاهات فقد يكون على زجاج نظارة المستخدم أو بعكسها من المعالج على أي سطح أمامه أو من خلال دبوس في ربطة عنقه.

وأضاف جاد أن هناك أبحاث لاستخدام وسائط كيميائية ومكونات بيولوجية بحثاً عن سرعة أكبر وسعة تخزين أكبر قد يظهر أثرها خلال العشرين عاماً القادمة وهو ما سيسهل تكامل الكمبيوتر مع عقل وجسم الإنسان.

وأكد جاد على أنه سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي بكثافة في تصميم وتصنيع النظم والكمبيوتر، مفيدًا أن من المتوقع أن تنخفض تكلفة الكمبيوتر في المستقبل لنفس القدرة والمواصفات ولكن بعض الأنظمة ستكون متخصصة وأغلى.

التواصل بالأفكار والإشارات

وقال المهندس محمد الحارثي، استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، إن أجهزة الكمبيوتر، وخاصة الأجهزة اللوحية ستختفي في المستقبل والبديل لهذه الأجهزة ستكون الأجهزة الذكية المدعمة لأنها سترتبط بالهواتف الذكية وتقنيات الشرائح والأجهزة.

وأضاف الحارثي أننا قد نشهد تحولات هائلة في واجهة المستخدم نتيجة تطور الذكاء الاصطناعي، وفي وقتنا هذا بدأت بعض الشركات في ترجمة هذا التطور على أرض الواقع حيث قامت بإضفاء الطابع الشخصي لأجهزة الكمبيوتر، بحيث تناسب استخدامات كل شخص وسلوكه واهتماماته، فلن تعطي الأوامر عن طريق لوحة المفاتيح أو فأرة الحاسوب، بل سيتم استبدالها بواجهات جديدة تتفاعل مع أفكار وإشارات المستخدم بسرعة كبيرة بل إن الحواسيب ستتعلم الكلام بحيث تتجاذب أطراف الحديث مع الإنسان.

وأوضح أن ملامح الثورة القادمة في عالم الكمبيوتر هي الحواسيب الكمية لأنها ستتصل بالشرائح الذكية أو الأجهزة المرتداة مثل النظارات أو دبوس الذكاء الاصطناعي من Human والذي يعد ثورة في عالم الأجهزة الشخصية، لأنه الأول من نوعه كجهاز قابل للارتداء بالإضافة إلى إنه يقدم تجربه تفاعلية غير مسبوقة من دون شاشة مما يجعله يندمج بشكل تام مع حياه المستخدمين.

وتابع أنه في الفترة القادمة ستغير الحوسبة الكمية مفهوم معالجة البيانات مشيراً إلى أن الأقمار الصناعية سيصبح لها دور كبير في نقل البيانات في المستقبل. كما أن شغف العلماء حالياً يتجه نحو دمج القدرات البشرية مع التكنولوجيا للتواصل مع الأجهزة. ولفت إلى أن أسعار أجهزة الكمبيوتر في المستقبل ستكون في مستوى قدرة الناس.

الحوسبة الكمية

وقال الدكتور محمد عزام، خبير التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، إنه من الصعب التنبؤ بشكل الكمبيوتر في الأعوام القادمة ولكن نتيجه للتطور التكنولوجي السريع سيتم الاعتماد بشكل كبير علي التكنولوجيا المرنة والأجهزة القابلة للأرتداء.

وأضاف عزام أن التصور الأقرب لمستقبل أجهزة الكمبيوتر، نتيجة القدرة الفائقة على الحوسبة بالإضافة إلى ظهور شبكات الجيل الجديد يقتصر على الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعة.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي هو التقنية التي ستغير أصول قواعد التكنولوجيا مفاهيم صناعة البرمجيات التقليدية في كل الاتجاهات وخاصة الجيل الثالث من الإنترنت لأنه يعتمد علي العقول الذكية.

وتابع أن هذا العصر يسير في اتجاه الحوسبة الكمية وتطوير التكنولوجيا الحيوية مثل الشرائح العصبية واستخدام الـDNA لتخزين المعلومات، مشيراً إلى أنه يمكن لجرام واحد من الـDNA  أن يخزن كل المعلومات التي يولدها البشر في عام واحد ويحافظ على هذه البيانات لآلاف السنين.

وأكد أن برمجة الـDNA وبرمجة الخلايا ستفتح آفاقاً واسعة في تطبيقات كثيرة مثل الكشف المبكر للأمراض، بالإضافة إلى اكتشاف علاجات لأمراض نادرة مثل السرطان والزهايمر والشيخوخة والأمراض الوراثية.

Scroll to Top