الشيخوخة القاتلة.. ماذا سيحدث لكوكب اليابان عام 2050؟

كتبت: تقى حسن

يبدو مستقبل اليابان كمجتمع مستدام موضع شك في الوقت الراهن، ويرجع ذلك إلى انخفاض عدد السكان، وارتفاع نسبة كبار السن بين المواطنين، والعجز المتزايد في الميزانية العامة. أحد الباحثين معتمدًا على الذكاء الاصطناعي في         استكشاف غدٍ أفضل يطرح أفكاره ورؤاه من أجل مجتمع ياباني أكثر استدامة في المستقبل البعيد ، إذ يُعتقد أن شيخوخة اليابان تفوق جميع الدول الأخرى، كما يُزعم أنها تمتلك أعلى نسبة من المواطنين المسنين، وتعاني اليابان من مجتمع «الشيخوخة الفائقة» في كل من المناطق الريفية والحضرية .

 تقول تقديرات إنه خلال عام 2014 كان 33% من سكان اليابان فوق سن الستين، و25,9% يبلغون خمسة وستين عاماً أو أكثر و12,5% يبلغون خمسة وسبعين عاماً أو أكثر، إذ يشكل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم خمسة وستين عاماً أو أكثر حوالي ربع إجمالي سكان اليابان حاليًا، ويقدر أنهم سيصلون إلى الثلث على الأقل بحلول عام 2050.

وتُشير توقعات المعهد الوطني للسكان والضمان الاجتماعي في اليابان إلى أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 عامًا أو أكبر سيشكلون أكثر من 40٪ من السكان في 25 من محافظات اليابان الـ47 بحلول عام 2050. من المتوقع أن تكون محافظة أكيتا في شمال شرق اليابان من بين الأعلى نسبةً لكبار السن، حيث يتوقع أن تصل إلى 49.9٪ ، كما تشير التوقعات السكانية لعام 2050 إلى انخفاض في السكان بجميع المحافظات باستثناء طوكيو بحلول عام 2050، مما يظهر التوجه المستمر لتركيز السكان في العاصمة، فالبيانات المستخدمة في هذه التوقعات مبنية على تعداد عام 2020، وتستند إلى رصد التغييرات السكانية كل خمس سنوات لمدة 30 عامًا حتى عام 2050، مقسمة حسب المحافظة والمدينة والأحياء الرئيسية في البلدات والقرى.

وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يكون إجمالي عدد سكان اليابان حوالي 104,686,000 نسمة، بانخفاض يصل إلى 17 مليون من عام 2020. يُشير التقرير إلى أن هذا الانخفاض أقل من المتوقع في التقدير السابق الصادر في عام 2018، ويعود ذلك جزئيًا إلى الزيادة المتوقعة في عدد السكان غير اليابانيين.

هل ستكون اليابان قادرة على الحفاظ على استدامتها المجتمعية في عام 2050؟  لقد اعتمدت مجموعة بحثية هذا السؤال كنقطة انطلاق لإجراء محاكاة لمستقبل المجتمع الياباني، وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي لوضع مقترحات للسياسات العامة من حيث الاتجاهات السكانية الطويلة الأجل في اليابان.

 ونجد أن عدد السكان ارتفع بشكل ملحوظ منذ بداية عهد ميجي (1868-1912) ثم بلغ ذروته في عام 2008 قبل التحول إلى الانخفاض إلى 128.1مليون نسمة ( ومعدل كبار السن 22.1%)، وتشير التوقعات إلى عام 2030 حيث يصل عدد السكان إلى 119.1 مليون نسمة (ومعدل كبار السن 31.2%)، وإذا ظل معدل المواليد قرابة المعدل الحالي فمن المتوقع أن ينخفض عدد سكان اليابان إلى أقل من 100 مليون نسمة (ومعدل كبار السن 37.7%) بعد عام 2050، ومن ثم سيستمر في الانخفاض بعد ذلك حتى يصل متوسط عدد السكان إلى 59.7 مليون نسمة ( ومعدل كبار السن 38.3%) حسب التوقعات في عام 2100.

وبلغ إجمالي عدد الأطفال المولودين في اليابان 758631 طفلًا في عام 2023، مسجلاً مستوى قياسيًا في الانخفاض للسنة الثامنة على التوالي، ويمثل نصف الرقم الذي بلغ حوالي 1.5 مليون طفل تم تسجيله في عام 1983، وانخفض رقم عام 2023 بمقدار 41097، أو 5.1%، عن الإجمالي الأولي للعام السابق البالغ 799728.

إن تقدم أعمار السكان في اليابان يتزايد بوتيرة متسارعة، الأمر الذي زاد من مسالة الاعتراف به كمشكلة اجتماعية. ولم يعد بإمكان شريحة سكانية يتنامى عددها بشكل مطرد قيادة السيارات إلى المراكز التجارية البعيدة للقيام بالتسوق، حتى أن بعض الناس حاليًا أصبحوا يعرفوا بـ ”لاجئي التسوق“ (أي كبار السن الذين لم يعد بمقدورهم الانتقال إلى مراكز التسوق نظرًا لبعدها عنهم)، مما يؤدي إلى تجديد الوعي بقيمة محلات التسوق المحلية. ومع تحول اليابان إلى الانخفاض السكاني، تسبب انتشار المناطق الحضرية في مشكلة انخفاض الكثافة السكانية بشكل مفرط، وهناك الآن إدراك أكبر للحاجة إلى نماذج المدن والأقاليم التي تختلف عن تلك التي كانت موجودة في فترة النمو السكاني.

Scroll to Top